أفكارنا

مرحبا بكم أعزائي التلاميذ في مدونة ذ. عبد العزيز أشهبون ؛ سنخصص إن شاء الله هذه المدونة لكل ما يتعلق بالدرس الفلسفي في سلك الثانوي التأهيلي، وسنحاول من خلالها تقديم دروس نظرية وأخرى تطبيقية بهدف مد جسور التواصل مع التلاميذ خارج نطاق جدران الفصول الدراسية.

random

آخر الأخبار

random

منهجية تحليل السؤال الإشكالي المفتوح



منهجية   تحليل السؤال الإشكالي المفتوح



وفق ما تنص عليه الأطر المرجعية للمادة


هل الشخص كائن مفكر؟

(السؤال سبق وأن كان موضوعا للإمتحان الوطني في السنوات الفارطة)


                               
                 


                  منهجية تحليل السؤال الإشكالي المفتوح كما وردت في الأطر المرجعية الخاصة بمادة الفلسفة (2014).





-Iمطلب الفهم : 4ن


 -1تحديد مجال السؤال وموضوعه؛
-2إبراز عناصر المفارقة / التقابل ؛2ن

يكشف الخطاب الفلسفي عن مفارقة داخلية، إذ أنه من جهة ما كف عن الاهتمام بالإنسان مشكل المشكلات الفلسفية، ومن جهة أخرى ما استطاع تاريخ الفلسفة أن ينهي البحث في الإنسان  باستخلاص ما يمكن أن يشكل هويته بصفة نهائية، مما يعني أن الشخص بقي موضوع انشغال دائم يبحث في هويته؛ ومن ثمة تصنيفه وجودا ومعرفة. غير أن الذي يمكن أن نحدد الشخص به؛ ميزة العقل أساس نظرا لأنها الخاصية التي ينفرد بها الشخص عن ما سواه.

-3 صياغة الإشكال و أسئلته الأساسية الموجهة للتحليل و المناقشة؛1ن


فما الشخص؟ وما الهوية؟ وبأي معنى يعد الشخص كائنا مفكرا؟ بمعنى هل ما يكون به الشخص شخصا هو قدرته على التفكير فقط ؟ أم أن  التفكير لا يعدو أن يكون بعدا من أبعاده الكثيرة ؟ أليس الشخص بوصفه إنسانا أشمل من الكائن المفكر؟


-IIمطلب التحليل:

-1 استحضار المفاهيم الواردة في السؤال والاشتغال عليها:

 من خلال عودتنا إلى منطوق السؤال يتضح أنه يبدأ بأداة استفهام (هل) تخييرية بين قضيتين متقابلتين، صُرح بأحدهما وتم إضمار الأخرى. وهذا يفترض إجابتين مختلفتين: الإجابة الأولى تعتبر أن العقل يستوفي هوية الشخص والإجابة الثانية تعتبره قاصرا عن ذلك مما يستوجب البحث عن أساس جديد لهذه الهوية. كما أن جهازه المفاهيمي ينتهي في نهاية المطاف إلى معادلة مكونة من حدين: العقل/ هوية الشخص، يحيل الأول على حامل المعرفة على مستوى الذات الإنسانية، بينما يحيل الثاني على وحدة الذات في الوجود، وتتحدد العلاقة بينهما في التطابق والتساوي.

 -2رصد الأطروحة المفترضة  (تفكيك + شرح):

ومنه فالسؤال يحاول التحقق من القضية التالية (الأطروحة المفترضة): تتحدد هوية الشخص بالقدرة على التفكير. وذلك نظرا لأن ما يميز الشخص عن باقي الكائنات هو امتلاكه لملكة التفكير و التي تجعل منه ذاتا منفصلة ومتميزة عن باقي أشكال الوجود الأخرى (وجود الأشياء) . و يرتبط هذا التفكير بالعقل الذي يمثل جوهر الذات ويشكل خاصية ثابتة بالنسبة للشخص لا يطالها ولا يلحقها التغيير مهما تغيرت الأزمنة والأمكنة، وبواسطته يدرك ذاته وأفعاله و سلوكاته و ما يحيط  به، وعن طريقه يبقى في تطابق تام مع ذاته، وبه يبلغ الحقيقة.


-3الحجاج المفترض للدفاع عن الأطروحة:

إن الشخص بهذا المعنى ذات عاقلة مفكرة(حجة التعريف)، إذ بواسطة هذا العقل يمكن للإنسان أن يمارس فعالياته المعرفية من تفكير وفهم وتحليل وتركيب وتعبير وتصنيف ....وبما أن الهوية هي التي تجعل الشخص يتطابق مع ذاته ويكون هو هو(حجة التعريف)، ، فلا يمكن أن تتأسس تلك الهوية إلا على العقل، فكما أن الغريزة تميز الحيوان عن الجماد فكذلك العقل بالنسبة للشخص به يتميز عن الحيوان (حجة المقارنة). لقد اختزل الفيلسوف الفرنسي رونيه ديكارت فكرة تأسيس الهوية الشخصية على ملكة التفكير فيما يصطلح عليه في التراث الديكارتي بالكوجيطو "أنا أفكر إذن أنا موجود"(حجة السلطة).

 -4استنتاج + سؤال نقلة:

يتضح إذن أن هوية الشخص تتحدد من خلال ملكة التفكير باعتبارها عملية عقلية، لكن إذا كان الأمر كذلك فهل يؤدي غياب العقل إلى غياب الشخص كإنسان؟ أليست هوية الشخص أشمل من العقل؟ ألا يؤدي الإقرار بأن العقل  يشكل هوية الشخص إلى إقصاء جميع خصائص الإنسان الأخرى؟ إلى أي حد يصمد العقل في ظل نتائج التحليل النفسي؟


-IIIمطلب المناقشة :  5ن

-1قيمة وأهمية الأطروحة المفترضة في السؤال :

مما لا شك فيه أن القضية التي يسعى السؤال للتحقق منها لها أهميتها التاريخية والفلسفية لأنها عملت على إعادة الاعتبار للإنسان كذات عاقلة مفكرة ومتميزة عن باقي الكائنات وعلى التأسيس لمنظومة فكرية (التيار العقلاني) مبنية على أساس أن العقل محدد الوجود. وهو الأمر الذي أكد عليه رونيه ديكارت من خلال شكه المنهجي والذي قاده إلى حقيقة حدسية قوامها "أنا أفكر إذن أنا موجود"، لقد عمل من خلال هذه الحقيقة الحدسية على إرجاع كل العمليات التي تقوم بها الأنا سواء الجسدية من تمشي وتغدي ... أو النفسية كالإحساس أو الذهنية كالفهم والتخيل والشك .. إلى العقل (الفكر)، ذلك أن الشخص ـ حسب ديكارت ـ يتكلم من حيث يفكر، يعمل من حيث يفكر، يتمشى ويتخيل من حيث يفكر، وبالتالي فكل سلوكات الشخص والعمليات التي يقوم بها نتاج العقل من حيث هو قدرة ذاتية فطرية في الشخص.



-2استحضار الأطروحة النقيض والعمل على تفكيكها (حدود الأطروحة المفترضة في السؤال):


يتبين من خلال التساؤلات السالفة الذكر أن العقل لا يمكن أن يستوفي كل هوية الشخص، وذلك نظرا لأن غيابه لا يعني غياب إنسانية الإنسان، ومن ثمة لا يمكن حصر هوية هذ الأخير ضمن بعد واحد الذي هو العقل، ذلك أن الشخص بوصفه إنسانا هو أشمل من العقل وبالتالي يستحيل أن يشمل الجزء الذي هو العقل الكل الذي هو الشخص. بالإضافة إلى أن هذا الطرح لن يصمد طويلا في ظل نتائج التحليل النفسي، والذي يعتبر أن الجانب الواعي لا يشكل سوى جزء يسير من الذات الإنسانية وأن الموجه والمتحكم الحقيقي في هذه الذات هو ذلك الجزء اللاواعي.



 -3توظيف مرجعيات/ مواقف فلسفية  تدعم الأطروحة النقيض :

على هذا الأساس تبدو خاصية التفكير عاجزة عن استيفاء هوية الشخص، وهذا ما ذهب إليه جون لوك رائد النزعة التجريبية حين رفض فكرة وجود أفكار فطرية موروثة منذ الولادة في العقل البشري معتبرا أن العقل بمثابة صفحة بيضاء تتكلف التجربة بمده بمختلف المعارف والأفكار، ويشير في نفس السياق إلى أن ما يجعل الشخص "هو نفسه" عبر أمكنة وأزمنة مختلفة هو الإحساس والشعور أي تلك المعرفة التي تصاحب مختلف أفعاله وحالاته الشعورية من شم وتذوق وسمع وإحساس وإرادة، ، بالإضافة إلى الذاكرة التي تربط الخبرات الشعورية الماضية بالخبرة الحالية، مما يعطي لهذا الوعي استمرارية في الزمان. ويقول في هذا الصدد "لما كان الوعي يقترن بالفكر على نحو دائم ...فإن ذلك هو وحده ما يكون هوية الشخص".

-IVمطلب التركيب 3 :ن

-1استخلاص نتائج التحليل والمناقشة؛

يتضح من خلال عمليتي التحليل والمناقشة أن قضية الهوية قضية ذات بعد إشكالي تثير مجموعة من التساؤلات الإشكالية، ولمعالجة هذه الأخيرة؛ انفتحنا على مجموعتين من التصورات الفلسفية، جانب منها يؤسس الهوية على ملكة التفكير، والجانب الآخر يؤسسها على عنصري الإحساس والذاكرة.

-2إبداء الرأي الشخصي المبني؛

غير أنه يمكن القول انه من المستحيل أن نحصر هوية الشخص في عنصر أو بعد واحد، لأن الكائن الإنساني غير قابل للتحديد والتعريف والتأطير في صورة نمطية معينة. فلا بد إذن من القول أن الشخص هو كل هذا: عقل، وعي، شعور، ذاكرة، إرادة، طبع، نفس، ....إنه لا يتحدد إلا بالتركيز على كل العناصر المشكلة لهوية الشخص.


الجوانب الشكلية:03ن     تماسك العرض، سلامة اللغة، وضوح الخط

--------------------------------------------------------------------------------------------
أنتظر تساؤلاتكم بخصوص منهجية السؤال في التعاليق.






عن الكاتب

ذ. عبد العزيز أشهبون أستاذ مادة الفلسفة / المغرب.

التعليقات

يمكنكم إضافة تعليق بخصوص الموضوع أعلاه؛
شكرا على تفاعلكم


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

أفكارنا

2025