وجود
الغير
تثبيت الإشكالية :
إذا كان اعتبار
الوجود في ذاته هو ما يتعلق بالأشياء المادية الفاقدة للعقل، فإن الوجود لذاته هو ما
يتعلق بالإنسان من حيث هو كائن عاقل ومفكر يمتلك الحرية والإرادة والمسؤولية. وإذا
كان وجود الغير يدخل ضمن الوجود لذاته: فكيف يتحدد وجود هذا الغير؟ وهل يشكل وجود الغير
ضرورة بالنسبة لوجود الذات أم أنه غير ضروري وقد يشكل تهديدا لوجودها؟
بمعنى
هل وجود الغير إثبات للذات أم نفي لها؟
تحديد دلالات المفاهيم :
-الغير
ž
"الغير هو أنا آخر"
معجم لالاند.
ž
"الغير هم الآخرون من
الناس بوجه عام" معجم روبير.
ž
"الغير هو الأنا الذي
ليس أنا" سارتر.
مطلب التحليل : تصور مارتن هايدغر
وجود الغير نفي للذات وتهديد لها
يؤكد
هايدغر أن الذات تفقد تميزها وهويتها عندما تدخل في حياة مشتركة مع الغير، فيغيب بذلك
التفاهم والتعاطف بينهما، لأن الأنا ستكون تحت قبضة الغير وسيطرته وسيقوم هذا الأخير
بإفراغها من محتواها ومن إمكانياتها وخصوصياتها الفردية ويجعلها تابعة له.
إن
الغير يمارس على الأنا هيمنة خفية ويحكم قبضته عليها فتذوب الذات في الغير وتفقد تميزها
وتفردها فتختفي بذلك هوية الفرد وتذوب في حياة الجماعة وبالتالي ستشبه الذات جميع الناس
وكأنها لا أحد.
مطلب المناقشة :تصور جون پول
سارتر
"الغير هو الوسيط الذي لا غنى عنه بيني وبين نفسي"
لا
ينفي سارتر ما لوجود الغير من أثر سلبي على الأنا، بل ويؤكد على أن الغير يعمل على
تشييء الأنا ويحولها إلى موضوع خارجي خاضع لأحكامه القيمية، غير أنه وبالرغم مما سبق
فالغير ـ حسب سارتر ـ هو الوسيط الضروري الذي من خلاله تتعرف الأنا على ذاتها بوصفها
ذاتا واعية. وهذا ما يعني أن وجود الغير في علاقته بالأنا وجود مزدوج :
-وجود سلبي: يحد من حرية الأنا ويقتل عفويتها
ويجمد إمكاناتها ويتسبب لها في الخجل، فيحولها إلى موضوع سلبي عن طريق النظرة، فيصبح
بذلك الغير جحيما للأنا.
-وجود إيجابي: يمكن وجود الغير الأنا من
الوعي بذاتها، ويجعلها تدرك إدراكا كاملا كل بنيات وجودها.
مطلب التركيب:
يشكل
حضور الغير في تجربة الأنا الواعية ضرورة وجودية ملحة ما دام الشخص
محكوما عليه بالعيش داخل الجماعة ومع الأغيار، بالرغم مما قد يشكله هذ الحضور من تهديد
ونفي لها.
يمكنكم إضافة تعليق بخصوص الموضوع أعلاه؛
شكرا على تفاعلكم