المحور الثالث: العدالة بين الإنصاف والمساواة
-1تثبيت الإشكالية :
تشير المساواة في علم الأخلاق إلى
ذلك المبدأ الذي يقرر بأن الإنسان من حيث هو إنسان مساو لأخيه في الحقوق والكرامة، وترتكز على التطبيق
الحرفي للقانون، بينما الإنصاف يرتكز على فكرة مراعاة
الفوارق القائمة بين الأفراد على مستوى الطبائع والمؤهلات ويستند إلى روح القوانين؛
فما المقصود بالعدالة؛ هل هي إنصاف أم مساواة؟ بعبارة أخرى ما السبيل لتحقيق
العدالة؛ هل يتمثل في إعمال مبدأ الإنصاف أم مبدأ المساواة؟
-2تصور آلان: تقوم العدالة على المساواة
يقول آلان:" القوانين العادلة هي التي يكون الجميع أمامها سواسية"
تقوم العدالة حسب آلان
على فكرة المساواة في الكرامة والحقوق
والواجبات بين جميع الأفراد مهما كانت الاختلافات والاستعدادات والفوارق الفردية
الموجودة بينهم، فالكل يخضع للقانون بالتساوي، والجميع أمامه سواسية بغض النظر
عن الاختلافات والفوارق التي من الممكن أن توجد بين الأفراد. إن العدالة حسب آلان لن
تتحقق والقوانين لن تكون عادلة إلا إذا كانت هناك مساواة بين الجميع. ولتوضيح فكرة
المساواة قارن آلان بين السعر العادل أي سعر السوق العمومي الذي يجسد
المساواة والتكافؤ بين طرفي عقد البيع (البائع
والمشتري يكونان متساويين في معرفة ما يراد بيعه وشراؤه ) وسعر الفرصة الناتج
عن عدم التكافؤ بين الطرفين (مثال: بائع مخمور ومشتري في حالة وعيه الكامل) .
-3 تصور ماكش شيلر: تقوم العدالة على الإنصاف.
يقول ماكس شيلر :
"ما من أحد ينشد المساواة حينما يشعر بأنه يمتلك قوة أو نعمة ... أما الذي
يخشى الخسارة فهو وحده الذي ينشد المساواة العامة".
لا تتحقق العدالة بالمساواة المطلقة وإنما
بالإنصاف، فالمساواة في ظاهرها قيمة أخلاقية مطلوبة من الناحية الاجتماعية لكن في
جوهرها لا تحمل سوى معاني الحقد والكراهية التي يكنها الضعفاء
للأقوياء، وهذا ما يجعل المطالبة بالمساواة المطلقة مطالبة بإلغاء الفوارق و
الاختلافات
القائمة بين الأفراد من حيث الطبائع والمؤهلات، وهكذا تكون المساواة المطلقة
تجسيدا للظلم. أما الإنصاف فيرتبط بروح وجوهر القوانين ويراعي الفوارق و
الاختلافات
القائمة بين الأفراد على أرض الواقع، فمن غير المعقول أن نساوي بين الافراد وهم في الأصل مختلفون
ومتفاوتون.
-4مطلب التركيب
تروم العدالة إلى تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات
بين الناس، لكن عمومية القوانين تفرض أحيانا استدعاء الإنصاف باعتباره مصححا
لحالات الجور القانوني الناجم عن المساواة المطلقة، وهو ما لا يتم
إلا بالرجوع لروح القانون وتفعيل مبدأ
الإنصاف.
يمكنكم إضافة تعليق بخصوص الموضوع أعلاه؛
شكرا على تفاعلكم