الشخص والهوية
§تثبيت الإشكالية :
إن التساؤل عن الهوية
الشخصية معناه التساؤل عن المكون /المكونات الأساسية لهذه الهوية والتي تجعل الشخص
مدركا لوحدة ذاته في الوجود، بمعنى أنها تمكنه من الوعي بذاته بشكل مستمر وغير منقطع
رغم ما قد يلحقه من تغيرات داخلية كانت أو
خارجية. فعلى أي أساس تقوم هوية الشخص؛ هل تقوم على الوحدة والتطابق أم على التعدد والتغير ؟
§تحديد دلالات المفاهيم :
تعريف الهوية: هي إدراك وحدة الذات في الوجود؛ أي وعي الشخص بذاته بشكل مستمر وغير منقطع رغم ما قد يلحقه من تغيرات.
تعريف الشخص: تفيد كلمة الشخص في اللغة العربية معاني البروز والظهور، وفي اللغة اللاتينية نجد أن كملة " persona" معناها القناع، أي ذلك القناع الذي يضعه الممثل ليختفي ورائه. ومن الناحية الفلسفية يمكن تعريف الشخص على أنه "كائن مفكر عاقل قادر على التعقل والتأمل، والرجوع إلى ذاته باعتبار أنها مطابقة لنفسها . " جون لوك، مقالة في الفهم البشري.
- تصور ديكارت:
يعتبر
أن الهوية تتحدد بالوعي وخاصية التفكير باعتبار محلهما العقل، والتفكير
دال على وجود الذات/ الأنا، لأنه لا وجود لفعل من غير فاعل، وبذلك يكون الوجود مرتبطا
بالتفكير، وهذا ما يسمى في الثرات الديكارتي بالكوجيطو "أنا أفكر إذن أنا موجود"
. وبموجب ذلك اعتبر ديكارت أن العقل هو ذلك النور الفطري الطبيعي الذي يمثل جوهر الذات،
وبدونه لا يمكن للإنسان أن يعي وجود ذاته ويبلغ الحقيقة. كما دعا ديكارت في نفس السياق
إلى ضرورة تجنب الحواس لأنها خادعة وتوقع في الخطأ باستمرار.
- تصور جون لوك:
يعتبر
جون لوك أن الشعور الذي يكون للشخص عن أفعاله الخاصة وتجاربه الحسية
أو تلك المعرفة التي تصاحب مختلف أفعاله وحالاته الشعورية من شم وتذوق وسمع وإحساس
وإرادة هي أساس الهوية الشخصية ، بالإضافة
إلى الذاكرة التي تلعب دور الخيط الرفيع الذي يحفظ هوية الشخص من الضياع،
والتي تربط الخبرات الشعورية الماضية بالخبرة الحالية، مما يعطي لهذا الوعي استمرارية
في الزمان .
- تصور أرثور شوبنهاور:
يعتبر
شوبنهاور الإرادة أساسا ثابتا لتحديد هوية الشخص وذلك بعد استبعاد عناصر أخرى كالجسد
والذاكرة والذات العارفة. فإرادة الحياة ـ حسب شوبنهاورـ تظل ثابتة فينا حتى عندما ننسى ونتغير كليا، وهكذا
وبالرغم من التحولات التي يحملها الزمن إلى الإنسان فإنه يبقى فيه شيء لا يتغير، وهو
الذي يمثل نواة وجوده الذي لا يتأثر بالزمن. وهذا الشيء يتحدد في عنصر الإرادة.
يمكنكم إضافة تعليق بخصوص الموضوع أعلاه؛
شكرا على تفاعلكم